التعليم عن بعد: نقاط القوة ونقاط الضعف
سارعت الحكومة المغربية إلى وقف الدراسة بشكل مبكر في إطار تدابيرها
الاستباقية للحد من انتشار وباء كوفيد 19، ومباشرة بعد هذا القرار الهام أعلنت وزارة
التربية الوطنية والتكوين المهني، خلق منصة رقمية موجهة للتلاميذ والأساتذة
للتعليم عن بعد، تتوفر على دروس مصورة ومكتوبة، كما تم كذلك تعبئة القنوات التلفزة
الوطنية للانخراط في هذه العملية وتقديم برامج تعليمية وفق ما هو مخطط له من برامج
دراسية.
صحيح أن التجربة تمت بشكل مرتجل وتدخل في إطار رد فعل سريع لتوقف
الدراسة وكوسيلة مساعدة لخلق ظروف لانشغال الطلبة والتلاميذ بأنشطة مهمة تحد من
هدر الزمن المدرسي، لكنها تبقى تجربة غنية ظهرت للوجود تحت ضغط الواقع الذي دفع في اتجاه جعل التعليم عن بعد واقع يومي
للممارسة التعلمية التعليمية في بلادنا، ولولا الظروف الحالية كان سيبقى مشروع
التعليم مؤجلا لوقت طويل، وبالتالي التجربة تبقى بالغة الأهمية نظرا لكونها أفرزت
خلاصات كثيرة يجب أن تحظى بالتفكير العميق لكي تجعل من التعليم عن بعد يحقق هوامش
واسعة من أهدافه وجعله وسيلة تساعد على تجويد التعلمات والارتقاء بها وتعبئة الزمن
المدرسي على أكمل وجه، فماهي أهم سلبيات وايجابيات التجربة المغربية بخصوص التعليم
عن بعد.
أولا الإيجابيات.
·
دمقرطة المعرفة وجعلها متاحة
لشريحة واسعة من التلاميذ والطلبة خصوصا غير المتمدرسين منهم وجعل التعليم متاح
لجميع المواطنين وفق نموذج تربوي مؤسسي أكاديمي.
·
فعالية المعرفة من خلال سهولة
الوصول إلى كمية هائلة من المعلومات والمصفوفات التربوية، ومرونة في إيصال المحتويات
التعليمية للطلبة.
·
سهولة التواصل بين الطلبة
والأطر التربوية، وتعزيز البحث والتعلم الذاتي عند الطالب من خلال العمل على اكتساب
المعرفة بشكل فردي.
ثانيا السلبيات.
·
غياب البنية التحتية
اللازمة لمساعدة جميع الفاعلين من إنجاح التجربة، كضعف شبكة الانترنت في بعض
المناطق، عدم التوفر الفئة المستهدفة من الطلبة على الوسائط المساعدة على الولوج
إلى المنصات المحدثة للاستفادة من الدروس.
·
ضعف التكوين التقني أو انعدامه
عند الأطر التربوية المسؤولة عن تقديم الدروس واعدادها رقميا، وغياب أي برنامج تأهيلي
للإعداد الفاعلين والمستهدفين بالتعليم عن بعد قبل تطبيق هذا النظام التربوي.
·
عدم انخراط شريحة واسعة
من آباء وأولياء الأمور في المساعدة على ضمان الاستمرارية التربوية.
·
تكريس العزلة حيث لا يستطيع
الطلبة التفاعل مع بعضهم، مما يعوق بلورة أجواء مدرسية مفعمة بالحياة والتي تخلق
فرص للتعلم غير صفية تساعد على تنمية شخصية المتعلمين من خلال التحديات والصعوبات
التي يوفره الاحتكاك والتفاعل ليومي فيما بينهم.
·
خلق التعليم عن بعد
صعوبات ومشاق إضافية على كاهل الأطر التربوية، حيث بالإضافة إلى المجهود الذي يبدلونه
من أجل إعداد الدروس وفق مقتضيات بيداغوجية، أصبحوا الآن مطالبين أيضا
بتكييف الوضعيات الديداكتيكية وفق اشتراطات تقنية رقمية.
·
كما أن التعليم عن بعد في السياقات
الحالية لتطبيق التجربة لايتوفر على آلية تقنية متطورة تضمن المراقبة والتتبع
الدقيق، مما يضر بعمق بمبدأ تكافؤ الفرص.
وعموما يتضح
مما سبق أن التعليم عن بعد ضرورة مستقبلية من الممكن أن تساعد على تحقيق إضافة نوعية للمنظومة التربوية، وأن يساهم في تجويد التعلمات والمعارف، وتمكين الفئات غير المتمدرسة من عرض تربوي أكاديمي، يساعدها
في استكمال تكوينهما مؤسساتيا، لذلك ينبغي تفعليه بطريقة تساعد على تجاوز السلبيات
المذكورة أعلاه، كما أنه لا يمكنه أن يكون بديلا للتعلم الصفي المباشر، بل
ممارسة داعمة ومساعدة فقط، ويجب أن تكون وسيلة متمرن عليها باستمرار ومفكر فيها وجاهزة للأوقات
الصعبة، كوسيلة فعالة لإدارة الأزمات الكبرى التي قد تصادف البلاد مستقبلا.